أعلان الهيدر

الأحد، 23 أكتوبر 2016

الرئيسية اكتفيت طعنا - للقاصة : فوزية شنة *

اكتفيت طعنا - للقاصة : فوزية شنة *

تتذكر أنها كلما خرجت من البيت لتلتقي بصديقاتها في الحي للعب و عادت إلى البيت إلا وجدت كل من في البيت في انتظارها يصفعها الأخ الأصغر ،يضربها الأخ الأكبر ضربا مبرحا تصرخ وتنادي أمها ..تأتي الأم لتتم المهمة ، تعنفها وتركها وتسمعها مالا تحب ،متهمة إياها بكل الصفات القبيحة (هاملة ،سايبة، ماتحشميش،كلبة،)تنام دون أن تنبس ببنت شفة، تنام والحسرة تأكل قلبها الصغير لتستيقظ في صباح اليوم التالي وآثار العنف بادية على جسمها ،يفكر الجميع في حيلة تجنبهم الحرج مع المدرسة ،تذهب أمها للمعلمة لتخبرها أنها مريضة وعندما تتعافى سوف تعود ................. ، تتذكر أيضا أنها كانت محل سخرية إخوانها في كل عيد وفي كل مناسبة حيث كانوا يقتنون أحلى الملابس، بينما تكتفي أمها بشراء قطعة قماش لتخبط لها فستانا على مقاسها بأكمام طويلة تبدو فيه كعرائس الكراكوز عند ارتدائه ،تسقط مرات عديدة وهي تسير من شدة طوله ،تمسكه بيدها حتى لا تسقط لكنها تنسى بسرعة ولا تنتبه(لأنها طفلة) إلا حين تقع على الأرض لتلعن كل الفساتين التي تشبهه .تتألم عندما تسمع كلمة البحر ..لأنها حرمت منه طيلة حياتها ،كانت تكتفي باللعب على الشاطئ تبني البيوت وتهدم عند الرحيل ،ارتبط البحر عندها بفكرة وهي أنها (أنثى)لا يمكنها السباحة، كالأولاد(الذكور) عاشت على أمل أن تتغير النظرة، وتفوز بحلم أن تغمرها مياه البحر يوما ما ،لكن الحلم ظل على حاله حتى سقط من خيالها ولم يعد من رغباتها ..هكذا هو حال الكثيرات من بني جنسها ،هذا ما كان يخفف من وطأة ألمها بعض الشيء .تتمنى أن تمارس الرياضة كقريناتها لكنها تحرم بحجة أن جسمها ضعيف لا يتحمل مشاق الرياضة وان الرياضة للرجال فقط (الذكور) تتألم كلما رأت إخوتها يرتدون ملابسهم الرياضية متجهين إلى المدرسة ،ليشاركوا في مقابلات ومنافسات رياضية ، تبتلع ريقها ،تشعر بمرارة كبيرة ، تصطدم بواقع بائس لم تكن تدركه بشكل كبير لأن كل ما كانت تعرفه هو أنها كانت تتألم آنذاك .تبلغ من العمر ما يؤهلها لأن تكون شابة مسئولة عن نفسها تبدأ رحلة عذاب أخرى ، الكل يتصيد لها عريسا ويقدمها على أساس أنها صارت جاهزة لخوض تجربة الزواج ،دون أن يفكروا فيها وفي رأيها وشعورها ،.كيف لفتاة عاشت هذا الكم من اللاءات أن تكون مؤهلة للدخول في دائرة حياة جديدة ،وهي التي قضت عمرها تقاوم تناقضات المجتمع وظلمه ، من الذي سيكترث لمثل هذا الأمر سواها ، قاومت ولازالت تقاوم الظلم والغضب والعبودية المقنعة والمقننة .تفكر في التمرد ،تخاف من العقاب ، تستعين بشبيهاتها لكنها في النهاية تستكين وتسلم بالأمر الواقع لتعيش أتعس تجربة في الحياة ، لتخرج منها بعش من البنات والأولاد ،تبحث عن سند لها وعن طريقة لتحقيق الذات ،
أي شرع هذا الذي يؤسس للحرمان للكتمان للذل وللهوان ،أي قانون هذا الذي يجعل من الإنسان قشة في مهب الريح والنسيان .

بقلم فوزية شنة

* أديبة جزائرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.